الجمعة، 13 أغسطس 2010

شعراء: حلمنا ببيت مستقل للشعر فأعطونا "إقطاعية" رسمية

شعراء : حلمنا ببيت مستقل للشعر فأعطونا "إقطاعية" رسمية
 
محيط – سميرة سليمان


الوزير يتوسط مجلس أمناء البيت

بعد طول انتظار .. قرر وزير الثقافة المصري افتتاح "بيت الشعر المصري" في نهاية شهر مايو / آيار الماضي والذي اختير له بيت "الست وسيلة" الآثري ، ومعروف أن عدد كبير من البلدان العربية سبقت مصر في ضمها لبيوت شعر عريقة تثري الجمهور بمختلف التيارات والأصوات. أما شعراء مصر فقد اعتراهم الإحباط والشك بعد إعلان أسماء مجلس أمناء البيت الجديد ، وسبب ذلك بحسبهم أنه " يكرر ممارسات لجنة الشعر في المجلس الأعلى للثقافة ويضم أعضائها ، وهي ممارسات عقيمة طالما وجهت لها الانتقادات" ، بعد أن كانوا يحلمون ببيت حقيقي مستقل يعبر عن الساحة الشعرية المصرية .

البيت يرأسه الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي ، أما أعضاؤه فهم "فاروق شوشة، عبد الرحمن الأبنودي، محمد إبراهيم أبو سنه، د.عماد أبو غازي، د. كاميليا صبحي، محمد حماسه عبد اللطيف، حسام نصار، د. سعيد توفيق، محمود قرني".

سأل "محيط" عدد من الشعراء : هل يمثل البيت التيارات الشعرية المختلفة ويرفع من تذوق الجمهور للشعر بحسب تصريحات الوزير؟، ، وما رأيهم بمجلس أمناء البيت ؟ وهل كان من الأفيد أن يكون مستقلا عن المؤسسة الرسمية، مثلما يحدث بلدان كثيرة ؟.

غياب النجوم
 سعيد الصاوي

اعتبر الشاعر سعيد الصاوي أن مجلس الأمناء يحمل وجوه يغلب عليها الطابع الإداري وليس الإبداعي ، كما أنه لا يعبر عن كل التيارات الشعرية ويقتصر على أسماء محددة، وبعض الشعراء يعانون من اعتلالات في الصحة تحول دون تواجدهم وتحاورهم مع الجمهور مثل الشاعر عبد الرحمن الأبنودي ، رغم أنه الاسم الوحيد اللائق ضمن هذه المجموعة.

وأضاف لـ"محيط" : غابت أسماء مهمة مثل الشاعر محمد التهامي شيخ مشايخ الشعر العمودي، والشاعرمحمد الشهاوي درويش الشعر، ويتساءل الصاوي أين صوت الشباب في مجلس الأمناء؟، واعتبر أن دور هذا البيت إعادة الجمهور للشعر مجددا وتذوقه كما كان في السابق .

ويرى صاحب ديوان "قلبين من دهب" أن بيت الشعر الذي طالما حلم به شعراء مصر ونادوا بوجوده ظهر أنه تنظيم رسمي حكومي، والشعر دائما لا يخرج من عباءة الأنظمة بل يحتاج أن يصل إلى الجمهور عبر الندوات الشعرية، ولذلك يقترح الشاعر أن تنظم ندوات شعرية بمحطات المترو ودور الأيتام ، والسجون! ليقترب الجمهور من الشعر الذي دائما يجدونه يلقى بالندوات المغلقة وكأن الشعراء يسمع بعضهم بعضا فقط، وهنا فقط ستعود القصائد تنشر في صدر الصفحات الأولى من الجرائد مثلما كان يحدث مع أحمد شوقي، وحافظ إبراهيم وكل شعراء المهجر.

ولا يرى الصاوي في رئاسة أحمد عبد المعطي حجازي لمجلس أمناء بيت الشعر أزمة، لأن على حد قوله الكبار دائما لهم خلافاتهم التي لا تنتهي، وإذا تغير حجازي وجاء غيره سيأتي بصداقاته وعداواته أيضا ، ودعا لأن نتعلم سنة الإختلاف.

إقطاعية جديدة
 حزين عمر

"بيت الشعر يمثل مجلس أمنائه، ومجموعة من ممثلي الوزارة الرسمية وممثلي الحكومة الذين لا علاقة لهم بالشعر على الإطلاق" هكذا بدأ الشاعر الكبير حزين عمر حديثه إلى "محيط" قائلا: ويمثل أيضا بيت الشعرعددا من المشاركين في اللجنة الحكومية المسماة بلجنة الشعر التابعة للمجلس الأعلى للثقافة الذي يتبع بدوره وزارة الثقافة، فهو بيت لعدد معين من الشعراء، ولا يمثل تيارات أو أجيال شعرية متعددة، ولم يتم انتخاب مجلسه بل جاءت الأسماء بالتعيين، ومن ثم جاء شانه شأن كل الكيانات التي تقيمها وزارة الثقافة والمؤسسات الرسمية لا يعبر عن الشعر أو الشعراء ولا يمثلهم.

وينتقد سكرتير اتحد كتاب مصر وجود شخصيات يحترمها على المستوى الشخصي ولكنها ليست أهلا لأمانة البيت ، منهم د.كاميليا صبحي ناقدة وباحثة ومترجمة، لكنها ليست شاعرة، وهكذا حسام نصار "كل مؤهلاته أنه أيد الوزير في حملة ترشيحه لليونسكو ولذلك نال كل الرضا وأصبح في مجلس أمناء بيت الشعر" !.

وبلهجة لا تخلو من استنكار شديد يتوقع الشاعر حزين عمر ألا ينجح بيت الشعر في نبذ الخلافات بين الشعراء وإلا لفعلت قبله لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة ، معتبرا أن الأموال التي تنفق على هذه الكيانات ينبغي إنفاقها في وجه آخر يفيد الشعر.

وقال أن انتقاده لمجلس أمناء بيت الشعر لا ينتقص من قيمة الأسماء التي يضمها فشعراء مثل حجازي وشوشة والأبنودي ، ولكن كونهم "أبواق لجهات حكومية ورسمية يسئ إليهم وينتقص من رصيدهم الإبداعي لدى محبيهم، بالإضافة إلى انتقاصه من قيمة هذه الكيانات الوليدة" .

ولا يتوقع الشاعر حزين عمر أن يضيف بيت الشعر جديدا إلى المشهد الثقافي العربي قائلا: "إن بيت الشعر إقطاعية جديدة تضاف لإقطاعيات رسمية سابقة تهدف فقط إلى إسباغ المنح والعطايا على أفراد بعينهم دون خدمة حقيقية للإبداع".

التجربة خير حكم
 
فارس خضر

بعكس الآراء السابقة يرى الشاعر فارس خضر رئيس تحرير مجلة "الشعر" أن تمثيل التيارات الشعرية مطلوب في أداء بيت الشعر وليس في مجلس أمنائه، فليس من الممكن أن نحمل ثمانية أعضاء فقط مسئولية كل شئ، لأن النهوض بالشعر هي وظيفة كل مبدع وليس مجلس أمناء بيت الشعر فقط.

كما يرى أن وجود أعضاء بعيدين عن الشعر في مجلس الأمناء له مبررات فوجود حسام نصار مثلا مفيد في العلاقات الخارجية لاستقدام شعراء من الخارج، أما الشاعر محمود قرني فهو شاعر مهم لا يحمل ضغائن لأحد، بالإضافة إلى تمثيله لجيل الثمانينات.

وينتقد الشاعر الهجوم الذي تعرض له بيت الشعر منذ اللحظات الأولى لافتتاحه، طالبا أن نمهله مهلة ولو موسما واحدا لكي نتعرف على أدائه وممارساته بدقة، مشيرا إلى رغبة الشعراء وهو واحد منهم أن يكون لهم بيت بجهود ذاتية مستقلة عن أي مؤسسة رسمية، لكنه – يتابع خضر - وسط أجواء التشاحن والعداءات المجانية التي يغلي بها الوسط الشعري، لا يمكن حدوث ذلك.

يتابع : على بيت الشعر ألا يكرر أخطاء باقي مؤسسات وزارة الثقافة ، وأن يبتعد عن الأداء العقيم للجنة الشعر التي تنحاز دائما لأسماء بعينها ويتجاوز عن كل هذا، مؤكدا أنه لا يملك خيارا ثانيا سوى أن يتفاءل وألا يستسلم لليأس في ظل هذا الواقع ، داعيا إلى التفرقة بين رئاسة حجازي للجنة الشعر التي كثيرا ما ننتقد ممارساتها، وبين أهميته كشاعر ورائد أثّر في أجيال كثيرة.

الفكرة والتطبيق

فاطمة ناعوت

ترى الشاعرة فاطمة ناعوت أن الوزير حين وافق على إنشاء بيت الشعر كان يرغب في تمثيل كافة تياراته حقا ؛ فالفكرة نبيلة في ذاتها لكنه برأيها سلّم الأمر لمن لا يؤمن بالتعددية، وسلّمها لمن أفسدوها.


وحول وجود أسماء غير شعرية بالمجلس تؤكد صاحبة "قارورة صمت" أنه لا غضاضة من أن يضم مجلس أمانة بيت الشعر عيون نقدية وألا يقتصر على الشعراء، وهو أمر تراه مفيدا ، ورغم ذلك فهي لا تتوقع أن يختلف برنامجه وخطته عن لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة وألا يتسم بالحرية.

تكرار الوجوه






شعبان يوسف

يرى الشاعر والناقد شعبان يوسف أن قوام لجنة الشعر انتقل إلى بيت الشعر دون ضخ دماء جديدة وبالتالي كانت إقامته خطوة غير موفقة، وقد أثبتت التجربة أن وجود شعراء مثل محمود قرني وأسامة الدناصوري في لجنة الشعر، كانت تواجدا شكليا فقط لذر الرماد في العيون فلم يكن وجودهم مؤثرا.

ويرى الناقد أن الشعر شأنه شأن شكل الأصعدة في مصر يفتقر إلى الديمقراطية التي تمنع انفراد أحد بالقرار، وبالتالي لن يضيف بيت الشعر جديدا لأن الوجوه ستتكرر، ولن يتم تداول تمثيل مصر في الخارج وسيظل هذا الأمر حكرا على أسماء بعينها، وستكون المحظورات على الإصدارات مماثلة لما تتخذ في مؤسسات الثقافة الجماهيرية.

ويتعجب يوسف من إصرار مجلس أمناء بيت الشعر من اعتبار الشاعر محمود قرني ممثلا للشعراء الشباب رغم اقترابه من الخمسين، وينتقد أيضا عدم ضم المجلس لأسماء شاعرات مثل فاطمة ناعوت، نجاة علي، فاطمة قنديل، رنا التونسي، وعزة حسين وغيرهن، وكأنه مجلس ذكوري سلطوي، بالإضافة إلى إبعاده لشعراء قصيدة النثر، وشعراء السبعينيات أمثال محمد فريد أبو سعدة، ورفعت سلام، وخلوه أيضا من الأسماء الفاعلة في الحركة الشعرية الآن، واقتصاره على التاريخ دون فاعلية التواجد.

وحول رغبته في أن يكون بيت الشعر منفصلا عن وزارة الثقافة أوضح الشاعر شعبان يوسف لـ"محيط" أن هذا صعب في الحياة الثقافية المصرية، التي يشوبها كثيرا من الفوضى وتشهد تماهيا بين المثقف والسلطة، فطوال الوقت أجبر المثقف المصري أن يطلب تواجده وشرعيته من أطر ثقافية رسمية، وحين يبتعد المثقف عن هذه الأطر يفشل والدليل على ذلك فشل المؤتمرات الشعرية البديلة، ولذلك لا توجد ضمانات كافية لإنجاح بيت شعر بجهود الشعراء الذاتية، وإن كان هذا لا يمنع من وجود بعض بؤر الضوء الصغيرة التي تحاول القيام بدور واسع لخدمة الشعراء الحقيقيين التي تتجاهلهم السلطة مثلما تفعل دور النشر وبعض المكتبات التي تنظم أمسيات وندوات شعرية مفتوحة، لكن المشكلة الحقيقية أن الإعلام يهتم بالكيانات الرسمية حتى وإن كانت نشاطاتها هزيلة ويسلط عليها الضوء، مما يسبب إحباطا للمبدع الحقيقي.

جدل محسوم






احمد سويلم

على النقيض يتعجب الشاعر الكبيرأحمد سويلم عضو لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة من الضجة المثارة حول بيت الشعر ، موضحا أن لجنة الشعر بالبيت تمثل كل التيارات بالفعل وهي التي تتحكم في برنامج الأنشطة ، أما مجلس الأمناء فنشاطه إداري فحسب.

ويشير كذلك الشاعر سويلم إلى أن لجنة الشعر ليس صحيحا أنها تقتصر على الكبار ، فهي تجمع بداخلها وجوه شابة مثل عماد غزالي ، بالإضافة إلى تمثيل جيل الوسط والأجيال السابقة له، ولجنة الشعر يتغير أعضاؤها كل سنتين، ومن ثم فهي ليست حكرا على أحد، نافيا ارتباطها بالمؤسسة الرسمية سوى في التمويل والميزانية فقط، لكنها تتمتع بالحرية كاملة في وضع البرامج واستقدام الشعراء على حد قوله.

ويتساءل سويلم في حديثه لـ"محيط" : أيهما أفضل أن يقام بيت للشعراء خاص بهم ممول من وزارة الثقافة مع ضمان استقلال برنامجهم ، أم يلجأ الشعراء إلى رجال الأعمال ويستجيبون لشروطهم ؟

ويرى الشاعر أحمد سويلم أن هناك من الشعراء من اعتاد التمرد السلبي دون سبب مقنع ودون أن يقدم حلا بديل لما يرفضه، مدللا على ذلك بما حدث من انقاسامات على لجنة الشعر بلا داعي – كما يقول - في مهرجان قصيدة النثر، حيث يرى أن كثير من الشعراء يرفضون أي شئ لمجرد تبعيته لوزارة الثقافة، دون الوقوف على حقيقة الأمور.





تاريخ التحديث :-

توقيت جرينتش : الخميس , 17 - 6 - 2010 الساعة : 2:33 مساءً

توقيت مكة المكرمة : الخميس , 17 - 6 - 2010 الساعة : 5:33 مساءً



نقلاً عن شبكة الإعلام العربية محيط رابط :

http://www.moheet.com/show_files.aspx?fid=385904



وقالت ناعوت لـ"محيط" " مجلس أمانة بيت الشعر محافظون سلفيون، وإن كان بعضهم شعراء عظاما وروّادًا تعلمنا منهم وبنينا مكوّنا المعرفي مما كتبوا، لكن الريادة الشعرية شيء، والإدارة شيء آخر ؛ " فالشعر، شأنه شأن كل شيء جميل ورقيق وحساس، ينفر من السلطان، ولا يفهم في السياسة والمصالح، الشعر طائر حرٌّ محلّق يفرّ من القيود وإن كانت من ذهب، ولذلك كلما ابتعد عن التنظيمات الرسمية غرّد بحرية ".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق